مشروع مراقبة الانتخابات على المدى الطويل في إطار شراكة مع شبكة مراقبون

في عام 2014، وهو العام الذي شهد أول انتخابات على أساس الدستور الجديد، تعهدت مؤسسة هاينريش بول بدعم العملية الانتخابية بالتعاون مع شبكة مراقبون. مسترشدين بمبادئ النزاهة والشفافية، يغطي 81 مراقبا على المدى الطويل 27 دائرة انتخابية تونسية من أجل مراقبة وتقييم أنشطة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (ISIE) والفاعلين السياسيين.

ولدت الجمعية التونسية للصحوة الديمقراطية "عتيد" في أفريل 2011، بعد ثلاثة أشهر من ثورة 14 جانفي. ومن خلال بناء سمعة كمراقب انتخابات، يسعى شباب شبكة مراقبون في المكتب المركزي بتونس وكذلك المراقبون الـ 4000، إلى المساهمة في إشراك المواطنين في المسار الديمقراطي والانتخابي في تونس.

نشرت شبكة مراقبون يوم 23 أكتوبر 2011، تاريخ أول انتخابات بعد سقوط نظام بن علي، 3320 مراقبا مغطين جميع الدوائر الانتخابية الـ 27 و4390 مركز اقتراع. وفي تقريرهم الأولي، قيموا العملية الانتخابية ككل على أنها جيدة التنظيم وأنها دارت "دون وقوع حوادث تذكر" لكنهم أشاروا إلى الفشل في مجالين اثنين هما: عدم شفافية جمع النتائج وازدحام مراكز الاقتراع بسبب التوزيع غير المتكافئ للناخبين على مراكز الاقتراع. كما اكتشفت الشبكة أيضا أخطاء في سجل الناخبين أدت إلى حالات حرمان مواطنين من حقهم في التصويت.

أدت الدروس المستفادة من هذه التجارب إلى ثلاثة مشاريع رئيسية لعام 2014 الانتخابي: قامت شبكة مراقبون من خلال مشروع "خريطة مراكز التصويت" بتحديد الموقع الجغرافي للـ 4223 مدرسة التي ستستغل كمراكز اقتراع في جميع أنحاء البلاد. وهو ما سهل تسجيل الناخبين من جهة والتنسيق بين المراقبين يوم الاقتراع وتوزيع الناس على مراكز الاقتراع من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.  واقترحت شبكة مراقبون مشروع "الجدولة الموازية للأصوات " الذي يركز على الهنات المتعلقة بالشفافية في تجميع 2011. وستكون مراقبون بمساعدة من عينة تمثيلية ونشر حوالي 4000 مراقب في يوم الانتخابات في وضع يمكنها من تقييم النتائج النهائية للانتخابات بأقل قدر من الخطأ.

أدت الأخطاء المعاينة في سجل الناخبين في سنة 2011 والاستنتاج بأن الانتخابات هي نتاج المسار السابق إلى إطلاق مشروع المراقبة على المدى الطويل سنة 2014 بالشراكة مع مؤسسة هاينريش بول.

ويهدف مشروع المراقبة على المدى الطويل إلى مراقبة جميع مراحل العملية الانتخابية في جميع أنحاء البلاد (27 دائرة انتخابية) ودوليا وهو ما يعد تجربة جديدة نسبيا خصوصا في العالم العربي. تم منذ 23جوان نشر 54 مراقبا على المدى الطويل و27 منسقا لمراقبة مراحل تسجيل الناخبين وتقديم الترشحات والحملة الانتخابية التي أدت إلى انتخابات 26 أكتوبر البرلمانية وانتخابات 23 نوفمبر الرئاسية (والجولة الثانية المحتملة في 28 ديسمبر). تقوم المراقبة على أساس احترام الفاعلين السياسيين للقانون الانتخابي وقرارات لجنة الانتخابات وإعلان الأمم المتحدة للمبادئ العامة لمراقبة الانتخابات غير الحزبية من قبل منظمات المجتمع المدني. ومع ذلك، فإن التحديات تتغير مع المراحل الانتخابية. ففي مرحلة تسجيل الناخبين، تابعت شبكة مراقبون لجنة الانتخابات في إنشاء سجل محدد للناخبين وضمان المساواة بين المواطنين في عملية التسجيل. وقد أدى الضغط السياسي إلى التمديد في مدة التسجيل فضلا عن وقف التسجيل بواسطة الأجهزة النقالة (انظر التقرير عن تسجيل الناخبين جويلية 2014 أدناه).  وفي تقييمها الأولي لمرحلتي التسجيل وتقديم الترشحات أشارت شبكة مراقبون إلى إخلالات في سجل الناخبين وتزكيات المترشحين للرئاسة ولكنها وجدت أنه من الممكن التغلب عليها وعلاجها. وفي هذا السياق، يقدم التقرير توصيات محددة إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

انطلقت الحملة الانتخابية في.4 أكتوبر. وأصبح المراقبون على المدى الطويل يعتمدون على528 مراقبا (2 لكل وفد) لجمع البيانات والمعلومات على الأرض. وتأتي الأحزاب السياسية بعد اللجنة الانتخابية واللجان الجهوية التي تمثلها من حيث الأهمية وعليه يحضر المراقبون على المدى الطويل المناسبات والخطب والتظاهرات التي تقوم بها الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة، ويقومون بملاحظة وسائل الإعلام المحلية والاجتماعية وينتشرون بسرعة عند الحوادث. وينصب انتباه خاص من المراقبة على العنف الانتخابي. إن خلق مناخ من العنف وانعدام الأمن الناجم مثلا عن التشهير غير المنضبط وتخويف الأقليات الاجتماعية، والتمييز على أساس الجنس في الخطاب السياسي يمكن أن يستخدم كاستراتيجية سياسية خلال الحملة الانتخابية. ولذلك فإن شجب هذه الحواجز التي تحول دون العملية الانتخابية، وخاصة في المناطق ذات التغطية الإعلامية المنخفضة والتنافس المحتدم سيرفع التكاليف السياسية لكل الفاعلين الذين يستخدمون مثل هذه الأساليب.

تتمتع منظمات المجتمع المدني في تونس بقدر عال من المصداقية في الحياة العامة وسيكون لها وقع ملموس إذا ما حافظت على التوازن بين المجهودات التقنية ومراقبة الانتخابات واختياراتها السياسية.