العدد التاسع من النشرية الفصلية "للمفكرة القانونية تونس"
صادق مجلس نواب الشعب التونسي قبل أيام قليلة من نهاية دورته النيابية الثالثة على نصين تشريعيين يتعلقان بالهيئات الدستورية المستقلة، أولهما إطاري يضبط الأحكام المشتركة بين تلك الهيئات والثاني ينزل تشريعا بإحداها وهي هيئة مكافحة الفساد. وينتظر أن تشهد الدورة النيابية الرابعة تطورا في نسق استحداث تلك الهيئات. وعلى صعيد ذات الهيئات، نجحت هيئة الحقيقة والكرامة مع نهاية سنة 2017 في تجاوز صراع حاد عصف بها داخليا وكاد يعطل عملها وذلك بعدما كانت قد نجحت إلى حد بعيد في التصدي لمحاولات من يناوؤونها في إنهاء عهدتها، من خلال مصالحة بين أعضائها لا تنسجم مع مسار العدالة الانتقالية التي تمثله. يبدو عند هذا الحدّ ربيع الهيئات المستقلة الذي انطلق مع الأيام الأولى للثورة التونسية قد حافظ على استقراره. في الاتجاه المقابل لهذه الصورة، يكشف التقليب في صفحات هذه الهيئات وتتبع الخطاب حولها أن كل حديث عنها بات اليوم يقترن بالضرورة في جانب منه بسؤال حول جدواها وحول حسن التصرف الإداري والمالي للقائمين عليها.
يتبين مما سبق أن تجربة سبع سنوات من عمل الهيئات المستقلة صنعت أنصارا لها يقدرون أنها أداة ناجعة في بناء دولة مؤسسات وفي الوقت نفسه معارضين ينبهون لخطورتها على استمرار الدولة. انطلقنا في عددنا هذا من الخلاف القائم وحاولنا أن نبحث في ملف هذه الهيئات بعيدا عن خطاب المناصرة والمناوئة طلبا لتقييم تجربة ما زالت في بدايتها ونأمل لها تطورا إيجابيا.