عشر سنوات من التّشريعات البيئيّة في تونس 2011 -2021

باندلاع الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 لم تكن المطالب البيئية حاضرة منذ البداية. فكان شعار الثورة "شغل حرية كرامة وطنية" لا يتضمن صراحة وبصفة علنية المطالب البيئية.

إلا أن مفهوم الكرامة الوطنية بإمكانه احتواء كل الحقوق التي من شأنها ضمان الكرامة الانسانية بما فيها من ظروف العيش الكريم وما يستتبعه من تهيئة ظروف العيش الكريم واللائق ممّا يدرج الحقوق البيئية في خانة الكرامة! هذا التمشي تدعم منذ الأيام الأولى للثورة التونسية حيث كانت الاحتجاجات والمطالب ذات الطابع البيئي واضحة تجسدّت في احتجاجات منطقة الشقارنية 11 ثم لاحتجاج ضد مصب الفضات الخطرة بجرادو من ولاية زغوان... ليتواصل ذلك الى حدّ الآن مع كل الاحتجاجات ذات الطابع البيئي وخاصة تلك المتعلقة بالمياه والحق في الماء الصالح للشراب.

 هذا الوعي البيئي المتصاعد والمتواصل منذ 2011 طرح علينا سؤالا أساسيا: ما مدى تفاعل السلطات والهيئات المكلّفة بالتشريع مع هذه المطالب وخاصة الأحداث التي تتالت عقب الثورة التونسية والتي كانت البيئة وعديد مكوناتها ضحيّة لها: الاعتداءات على الغابات وعلى المحميّات وعلى مصادر المياه...

فكانت أولى اهتماماتنا في هذه الدراسة محاولة الاجابة عن هذا التساؤل وتحديد كيف تفاعلت السلطات المكلفة بالتشريع منذ 2011 إلى اليوم مع المسألة البيئية؟ ماهي اختياراتها وأولوياتها؟ هل تعكس هذه الاختيارات سياسة بيئية ما؟ هل جاءت حاملة لتصوّر متكامل؟ أم أنها كانت في إطار ردود الفعل التشريعية اللاحقة للفترة الاولى من الثورة التونسية والتي تواصلت بعد ذلك؟