تداعيات الانتخابات التونسية .. علي الحالة المصرية

حالة من الارتباط وتبادل التأثير والتأثر، والتشابه حينا والتناقض حينا آخر، طبعت العلاقة بين الثورتين التونسية والمصرية منذ بدايتهما.

عبارة "الإجابة : تونس" التي أطلقها الشباب علي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، فور مغادرة الرئيس التونسي "بن علي" لتونس مساء 14 يناير 2011  ظلت هي العبارة الأشهر بما لها من دلائل، والأكثر تكرارا في هذه العلاقة بين الثورتين علي مدي السنوات الماضية، وحتي اليوم.
تشابه واضح كان متوقعا في المسار السياسي في أوائل أيام الثورتين، سواء بفكرة أن الشارع هو الحل بقيادة الشباب، بعد إنسداد أي طريق سياسي لتداول السلطة، إثر فشل المعارضة الهشة التي ينظر لها ككومبارس في مسرحية النظام وإنتهاء بإنهيار الرئيس المتغطرس علي طريقة بن علي "فهمتكم، الآن فهمتكم" ، بعد التضحية به من قبل الغرب الذي طالما دعم الرؤساء المستبدين، مقابل إبقاء النظام الذي يحفظ له مصالحهم، مع حدوث تصادم بين الشرعية الثورية والدستورية.

وزاد الأمر لحد التطابق مع قيام النظامين عن طريق أجهزة أمنهما بفتح السجون وإخراج المساجين، وإستخدام "البلطجية" وتزويدهم بالمال والسلاح وإستخدام القناصة ، وذلك لإرهاب المواطنين بإثارة الفوضي حتي يخشيون علي حياتهم ويترحمون علي أيام الرئيس المستبد، فيختاروا الأمن والإستقرار علي حساب الحرية، في محاولة لسرقة الثورة، وإعادة النظام ولكن بوجوه جديدة.(1)

مصر وتونس : علاقة جدلية

منذ اللحظة الأولي كانت هناك ردرود أفعال مصرية متناقضة من الثورة التونسية، بفرحة للشباب وقادة القوي المدنية المعارضة، أوجزتها عبارة "الإجابة تونس"، مقابل صدمة للنظام ، عكستها مقوله وزير الخارجية المصري "أحمد أبو الغيط" الشهيرة وقتها "مصر ليست مثل تونس".

وإستمر الإعجاب بعد تنحي مبارك وإتجاه القوي التونسية للتوافق، مقابل الصراع والهيمنة والإقصاء في مصر، لكنه بدأ يخفت تدريجيا لدي التيار المدني، بعد إصرار الإخوان علي الهيمنة علي السلطة في مصر بدلا من التوافق، ورئاستهم للحكومة في تونس، وزيادة قوة التيار الإسلامي في ليبيا، ثم سوريا بدعم واضح من أردوجان وحزبه والنظام القطري، ليبدو وكأنه تحالف إسلامي كبير يريد السيطرة علي منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

ومع تزايد حدة الصراع بين القوي المدنية والإخوان تحول خفوت الإعجاب بتونس، تدريجيا إلي عداء لكل ما له علاقة بالحكم الإسلامي في مصر وتونس، تنامي ذلك مع إسقاط حكم الرئيس مرسي بإنقلاب عسكري مدعوم شعبيا، بمشاركة ودعم لتيارات ليبرالية حانقة علي الإخوان، وأخري يسارية معادية بطبعها للتيار الإسلامي، ومسيحيين متخوفين من الحكم الإخواني وتهديدات السلفيين المتطرفين، وجدوا ملاذا في تحالف العسكر-الفلول

في ظل تضليل إعلامي لقنوات رجال الأعمال المحسوبين علي نظام مبارك والدولة العميقة، وصل للمطالبة بإجراءات "فاشية"، لدرجة إنتشار دعوات بإعتقال وقتل، بل وإبادة معتصمي الإخوان في ميدان "رابعة العدوية"، وكل أعضاء الجماعة،

ما عكسته كلمة "علي جمعة" مفتي مصر السابق التي طالب فيها الجنود قبل فض الإعتصام "بتطهير" القاهرة ومصر من متظاهري الإخوان وقتلهم، لأنهم خارجين عن الدين. (2)

 وإنتهي ذلك بمذبحة رابعة في 14 أغسطس 2013، التي قتل فيها ما يقرب من الألف متظاهر بزعم مكافحة الإرهاب، وحظيت بتبرير ومباركة وشماتة ، وهجوم حاد شامل علي أي معترض لدرجة إتهام نائب الرئيس "محمد البرادعي" بالخيانة العظمي لإستقالته إحتجاجا  علي ما حدث ، ما أسكت أي أصوات معترضة علي ما يحدث.

 وتطور الأمر إلي دعم التيار المدني المصري لحركة "تمرد" تونسية مشابهة للحركة التي ساهمت في إسقاط الرئيس "مرسي"، بدأت فعلا في جمع توقيعات في شوارع تونس ضد حكومة النهضة، إلي جانب بدء تحرك مصري رسمي ضد "إخوان ليبيا"، ما بدي وكأنه توجه منظم للقضاء علي أي حكم يهيمن عليه الإسلاميون في شمال أفريقيا.

هذا التوجه هدأ قليلا تجاه حركة النهضة بعد تخليها عن رئاسة الحكم، وقبول تسليمها إلي المستقل "مهدي بن جمعة"، والتوافق علي الدستور، ثم علي إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية.

 إلا أن الرئيس التونسي "منصف المرزوقي" إعترف بوجود خلافات مع مصر في مقابلة له مع صحيفة الحياة اللندنية في 25 سبتمبر2014، قصرها علي ملفين، الأول حول تصميم تونس تقاسم السلطة بين المعتدلين الإسلاميين والعلمانيين

والثاني بتأكيده رفض تونس للنهج المصري بالتدخل العسكري أو دعم طرف علي حساب آخر في ليبيا، ما يهدد بإندلاع حرب أهلية وتقسيمها، ودعم تونس للحوار والتنسيق مع كل القوى الدولية والإقليمية التي تريد حلاً سياسياً (مستثنياً مصر).

ورغم نفيه تدخل مصر في الشأن الداخلي التونسي، إلا أنه ألمح إلي وجود دول عربية (صديقة لمصر) تفعل ذلك، عبر ما أسماه "المال الفاسد". (3)

بالمقابل إتسم الموقف الرسمي المصري بالديبلوماسية، والذي عبر عنه سفير مصر في تونس"أيمن مشرفه" بتوجيه الشكر لتونس لتعاونها في ملف العالقين المصريين الهاربين من القتال في ليبيا، متحدثا عن قرب إلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين

 وأكد علي عدم تأثير الخلافات مع حركة النهضة علي علاقات البلدين لأن "الحكومات تذهب والحكام يندثرون، وتبقي الشعوب"، ورحب بتصريحات أحد قياديي الحركة بإمكانية تغيير نظرتهم للنظام المصري، إن إقتضت مصلحة تونس ذلك. (4)

ردود أفعال القوي والحركات السياسية

بوجه عام لم تبد القوي والأحزاب السياسية بما فيها الإخوان اهتماما جديا بلإنتخابات التونسية سوي في اليومين الأخيرين، ربما للإنشغال بالأزمات المصرية المتلاحقة، ومنها الصراع المستمر في الشارع بين النظام والتظاهرات المستمرة للإخوان وطلاب الجامعات وكذلك تيار ثورة 25 يناير

إضافة للتفجيرات والعمليات الإرهابية المتتالية التي راح ضحيتها عشرات من جنود الجيش في الصحراء الغربية وبالذات في سيناء

 وبدت أيضا وكأن هناك خشية للنظام من تحقيق "حركة النهضة" إنتصارا كبيرا، يصب في مصلحة "جماعة الإخوان" في صراعه معها، وفي إعادة إحياء القبول الدولي، بل وربما الداخلي مرة أخري بحقهم في المشاركة في الحكم، بينما جماعة الإخوان بالمقابل بدت تخشي هزيمة ساحقة للنهضة ، تبدو وكأنها نهاية تامة للحكم الإسلامي، أو يضعف من الأوراق التفاوضية في حالة الإتجاه للمصالحة مع النظام

لكن فور إعلان نتيجة الإنتخابات التونسية قامت الدولة المصرية علي لسان وزارة خارجيتها، بتهنئة الدولة التونسية علي إنجاز هذه الإنتخابات التي أكدت أنها "تمت في أجواء سلمية وديمقراطية، شهد بها العالم"، وتؤسس "لمستقبل مشرق" يحقق تطلعات الشعب التونسي في “الديمقراطية والإستقرار والتنمية”. (5)

الديبلوماسي المرموق "عمرو موسي" رئيس اللجنة التأسيسية التي وضعت الدستور، وأهم شخصية في حملة المشير السيسي الرئاسية أدلي بتصريحات مفاجئة، تحمل تململا يصل لحد الرفض للطريق الذي بات النظام المصري يسير فيه مؤخرا، إمتدح فيها الإنتخابات والتجربة الديمقراطية التونسية، مؤكدا حتمية تأثر الشعوب العربية بها.

وأكد في كلمة ألقاها بعد ساعات من إعلان نتيجة الإنتخابات في إفتتاح مؤتمر "الأمن القومي العربي" يوم 28 اكتوبر2014 أن "رسائل الإنتخابات التونسية واضحة للجميع، وهي أن الشعوب العربية تريد أن تعيش في دول مدنية تنتمي للقرن الحادي والعشرين"، "بمزيد من الديمقراطية ، التي يعد الإنفصال عن مبادئها ، أمرا غير مقبول من الشعوب، لأن الدكتاتورية  هي التي أوصلتنا لما نحن فيه"، (6)

ما مثل رسالة واضحة للرئيس السيسي، خاصة أن النظام لم يقم بإجراء الإنتخابات البرلمانية طبقا لخارطة الطريق التي وضعها بنفسه ، وتقوم شرعيته علي أساسها، ولا حتي حدد موعد لبدئها ، بل أن وزير الداخلية المصري أكد في لقاء جمعه برئيس الوزراء "إبراهيم محلب" وعدد من رؤساء القنوات والإعلاميين، يوم 22 أكتوبر، إنه "لو أجريت الانتخابات البرلمانية، في الوقت الحالي، سيفوز بها «الإخوان والسلفييون"، ما بدي وكأنها مقدمة لتأجيل الإنتخابات إلي أجل غير مسمي.    (7)

الأحزاب القريبة من النظام المصري ، أبدت شماتتها في تراجع النهضة ، ووصلت للقول علي لسان "يحي قدري" نائب رئيس الحركة الوطنية (حزب الفريق "أحمد شفيق" المحسوب علي نظام مبارك)، بأنها "رسالة واضحة بانتهاء اكذوبة الاخوان في المنطقة بأسرها، ودليل على ان حكمهم لأي دولة عربية بات أمراً من رابع المستحيلات"، مضيفا أن ذلك مقدمة "لسقوطهم انتخابياً وسياسياً ووجودياً في بقية الدول، فالتونسيون أسقطوهم، ونحن في مصر "سوف نمحوهم من المشهد السياسي برمتة". (8)

وكذلك اللواء أمين راض نائب رئيس حزب المؤتمر، الذي وصف فوز حزب نداء تونس بأنه "بالأغلبية الساحقة" ، وأن ذلك يعد "هزيمة للإخوان في تونس، تؤكد رفض الشعوب العربية للإرهاب". (9)

الأحزاب التي تنتمي للتيار الليبرالي الرأسمالي حاولت التركيز علي تأكيد هزيمة الإخوان التونسيين، وإمكانية بل وجوب الإستفادة من التجربة وتكرارها في مصر.

صحيفة الوفد الناطقة بإسم حزب "الوفد" الليبرالي العريق ، ذهبت إلي أن نتائج الإنتخابات التونسية أثارت جنون أعضاء الإخوان في مصر، فلجأوا لدفن رؤوسهم في الرمال كالنعامة، رافضين تصديق فوز التيار العلماني في تونس. (10)

نجيب ساويرس مؤسس حزب المصريين الأحرار الليبرالي ، تمني في تصريحات له أن يتعلم الإخوان من نظرائهم في تونس.

في الوقت الذي أصدر حزبه بيانا دعا فيه الشعب إلي إستلهام ما حدث في تونس، وتكراره في الإنتخابات البرلمانية المصرية القادمة، كما راهن الشعب التونسي علي "نداء تونس" (العلماني)، وإختار النظر للأمام معلنا التحدي لقوي الظلام والتبعية،

وهو ما ركز عليه محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي الذي يمثل يسار الوسط، الذي طالب بعدم القلق من تسلل الإخوان للبرلمان المقبل في مصر، لأن الخسارة الكبيرة التي لحقت بهم في تونس، تؤكد أنهم "لم يعودوا يمثلون قوة بعدما كشفتهم الشعوب". (11)

اليساري "حمدين صباحي" زعيم التيار الشعبي والمرشح السابق للرئاسة أمام المشير السيسي، إكتفي بتهنئة إثنتين من أعضاء حزب التيار الشعبي اليساري التونسي بفوزهما

في الوقت الذي أبدي “رفعت السعيد” الرئيس السابق لحزب التجمع الشيوعي شماتته في حركة النهضة ، وكذلك من كل من تحالف معها ، مثل الليبرالي منصف المرزوقي الذي تعرض حزبه لهزيمة قاسية، معتبرها أنه درس آخر لكل من "ركع" أمام الإخوان، أو سعي للتحالف معهم. (12)

موقع حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان، نشر تقريرا بعنوان "صناديق تونس تهزم رصاص السيسي"، ركز فيه علي إمتداح "كينيث روث" مدير منظمة هيومان رايتس ووتش ، في تدوينة له علي تويتير للتجربة الديمقراطية التونسية ، ومنافسة العلمانيين للإسلاميين عبر الصناديق ويحسمونها بالفوز، بينما السيسي (وصفوه بقائد الإنقلاب العسكري) أطلق الرصاص عليهم في ميدان رابعة". (13)
بالمقابل لم يبد د. "جمال حشمت" القيادي في جماعة الإخوان في تصريحاته لنا سعادته بالإنتخابات التونسية ، فأشار أن هناك بلاشك دروسا مستفادة ونتائج تؤكد تعددية الحياة السياسية وليس الإنفراد ، وقد نجحت صيغتها في تونس بعد درس مصر، لكنه أكد أن "معركة" حركة النهضة مع "الثورة المضادة" لن تنتهي، متحدثا  عن تعرض حركه النهضه " لخدعة مدروسة وناجحة"، مشيرا إلي "مؤامرة" قام بها حزب "نداء تونس" الذي يمثل تجمع بقايا النظام السابق، تضمنت صراعا وهميا بمشاركة أحزاب من تياره، بتلاسن وتبادل التهم في العلن ضده، وبينما في السر أصدرت أوامرها لناخبيها بالتصويت لصالح حزب "نداء تونس" ، لدرجة أن رؤساء قوائم الحركة الدستورية أنفسهم صوتوا لنداء تونس.

. الأحزاب المحسوبة علي التيار الإسلامي الوسطي، والقريبة من الإخوان ، إمتدحت التجربة التونسية مقارنة بالمصرية

محمد المهندس عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية (إسلامي وسطي) إعتبر أنها -حتي الآن- تجربة ناجحة للثورة التونسية ، بخطوات راسخة وواثقة، كنموذج متميز للحرص علي الديمقراطية ، والتوافق الوطني العام بعيدا عن الإنقلابيين والمتعصبين والإستحواذيين،
وختم داعيا لهم بالنجاح، بعيدا عن "الفلول" وحماهم من شرور من يتآمرون لإفشالهم. (14)

 

حزب "الوسط" حليف الإخوان، والذي كان حتي وقت قريب جزءا من "تحالف دعم الشرعية" المعارض للإنقلاب ويضم الإخوان وعديد من الأحزاب ذات المرجعية الدينية ، هنأ علي لسان نائب رئيسه "حاتم عزام" الشعب التونسي، داعيا الله حمايته من "شرور حلف الإنقلابيين في المنطقة" ومؤكدا أنه بغض النظر عن الحزب الحائز علي العدد الأكبر في البرلمان ، فإن الفائز هو الشعب التونسي، وإرادته بأسس راسخة لدولة مدنية ديمقراطية، تتداول فيها السلطة سلميا عبر آليات موثوقة ، “لا عبر الانقلابات العسكرية وإراقة الدماء، وإشاعة القهر والظلم والفوضى".

وعلي النقيض حمل "وجدي غنيم" أحد قياديي الإخوان بشدة علي نتائج الإنتخابات التي وصفها "بالهبل والعبط" ، وأنها أجهضت الثورة التونسية، وأنها أسفرت عن فوز "نداء تونس"  الذي وصفها "بالكفرة"، وإنتقد النهضة لتهنئتها لهم ، بإعتبار أن "المسلم لا يهنئ الكافر"، معتبرا أن "كل من إنتخب نداء تونس والعلمانيين هو كافر". (15)

أما بالنسبة للنشطاء وأعضاء الحركات الشبابية مثل حركة "6 أبريل" ، فقد أبدوا سعادتهم بنتائج الإنتخابات التونسية كنموذج كان ينبغي أن يتم الإحتذاء به.
لكن بالمقابل بدي البعض غير سعيد بحصول تحالف أنصار النظام والإسلاميين علي الأغلبية ، مقابل تراجع التيار المدني وبالذات معسكر الشباب، كما هو الأمر في مصر.
د. "أحمد عبد ربه" مدرس النظم السياسية المقارنة بجامعة القاهرة ، أكد في تصريحات لنا أن هذا طبيعي، رغم أن التيار المدني في تونس أقوي من مصر، لكن لا توجد حلول سريعة، ولا حل سوي بالواقعية ، وبتنظيم الصفوف والحشد علي المدي الطويل، وتأسيس أطر واسعة بين الأحزاب والتيارات وقادة الرأي والطلاب من أنصار التيار المدني.

السفير التونسي في القاهرة فرق في مقابلة مع قناة "أون تي في" المصرية بين حركة النهضة والإخوان ، رافضا القول أن النهضة جزء من الإخوان ، مؤكدا إظهارها قدرا كبيرا من الحس الوطني وكانوا براجماتيين ، واللجوء للتوافق وتغليب المصلحة الوطنية. (16)

التغطية الإعلامية

بدأت التغطية الإعلامية متأخرة، نتيجة الإنشغال بالوضع الداخلي المتأزم، وتباينت حسب الموقف السياسي للصحف والقنوات من الإخوان المسلمين.

غالبية القنوات الفضائية لم تبد إهتماما إلا يوم التصويت، زاد إلي حد ما بعد إعلان النتيجة والتأكد من فوز العلمانيين، بإستثناء قناة “الحياة” الخاصة الليبرالية المملوكة لرجل الأعمال” السيد البدوي” رئيس حزب "الوفد" الليبرالي، التي أرسلت فريقا لتونس قام بتغطية خاصة أجري لقاءات عديدة قبل أيام من الإنتخابات ،أهمها مع “الباجي قائد السبسي” رئيس حزب “نداء تونس” الذي روج لحزبه كرمز للإعتدال، دون إغفال العمق العربي والإسلامي،
وكذلك مقابلة مع “سمير ديلو” القيادي في "النهضة"، الذي أكد إستفادتهم من أخطاء الإخوان الذين لم يحسنوا قراءة الواقع السياسي، مؤكدا أنهم حذروهم مرارا دون جدوي، بل وصف شعار الإخوان “الإسلام هو الحل”، أنه شعار فضفاض خال من المضمون ، لكنه إنتقد “الإنقلاب العسكري” في مصر.
وختمت تغطية قناة "الحياة" بإستطلاع آراء عديد من الجمهور التونسي قبيل الإنتخابات ، الذي ظهر عليهم وبالذات لدي الشباب والتيار اليساري عدم رضاهم عن سيطرة الإسلاميين وأنصار النظام السابق علي الساحة السياسية، وأنهما وجهان لعملة واحدة.

الصحف الخاصة الليبرالية المحسوبة علي نظام مبارك ، نشرت قبل الإنتخابات تقاريرا تحمل هجوما عنيفا علي حركة النهضة، مثل موقع "دوت مصر" بعنوان "الغنوشي يتلون كالحرباء للفوز بالانتخابات"، نقل عن موقع إلكتروني تونسي أن الغنوشي شخصية مخادعة ، ويمثل يد الغرب في تونس، والذي يريد بقاء الإسلاميين في السلطة كما حدث في مصر، وأنه يتاجر بالقضية الفلسطينية للحفاظ علي شعبيتهم، رغم أن واشنطن هي الحليف الأكبر لهم. (17)

أما بعد إعلان النتيجة ، ركزت علي الرد الفعل العالمي المعجب بالتجربة التونسية، وأرجعت صحيفة المصري اليوم الليبرالية الخاصة فشل النهضة التي أسمتها "إخوان تونس" ، كإنعكاس لدي الرأي العام التونسي ضد حكم الاسلاميين بعد فشلهم في مصر، وللحملة القوية للأحزاب التونسية العلمانية ضدهم، وأيضا لفشلهم في إدارة الحوار السياسي للبلاد. (18)

صحيفة حزب الوفد الليبرالي ركزت علي الإنتخابات نقلا عن محلل تونسي باعتبارها "صاعقة للإخوان،" ، تتوجب منهم ومن جميع السياسيين إعادة قراءة المشهد، ومطالبة من سماهم "العقلاء " فى حزب النداء إلى تحالف مع النهضة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. (19)

الصحف والمواقع التي تعبر عن تيار ثورة 25 يناير ، تنوعت بين إنتقاد النظام والإخوان.

موقع بوابة يناير التي تعبر عن تيار الشباب المدني المستقل رحبت بالنموذج المضيء الذي تقدمه تونس علي عكس مصر، مركزة علي قيام مركز كارتر الذي أغلق مكتبه في مصر، بسبب عدم وجود حياة ديمقراطية صحية، وذهابة لتونس للرقابة علي إنتخاباتها، وإمتداحها كديمقراطية ناشئة. (20)

صحيفة المشهد أشارت لقبول النهضة للنتيجة ودعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع نداء تونس ، لكنها ركزت علي هزيمة للنهضة وحلفائها، وإمكانية قيام نداء تونس بتشكيل حكومة إئتلاف مع الحزبين العلمانيين الآخرين أن العلمانيين  التونسيون قادروا علي تشكيل حكومة إئتلاف بقيادة "نداء تونس" ومعه "الوطني الحر" الليبرالي والجبهة الشعبية اليسارية بأغلبية 118 مقعدا في البرلمان (21)

موقع الإخوان ركز علي نشر أخبار تؤكد أن النهضة كانت تتوقع النتائج ، وأنها لا تزال هي القوة السياسية الحقيقية في البلاد بقاعدتها الإنتخابية المتماسكة مع حصولها علي أكثر من مليون صوت. (22)

وقام موقع مصر العربية القريب من الإخوان بنشر فيديو "لعبد الفتاح مورو" أحد مؤسسي حركة النهضة، يؤكد فيه أن ما حدث إنتصار عظيم مقارنة بمصر، وأنهم بما فعلوه نجحوا في تجنب الإنقلاب في تونس. (23) وأيده نشرهم لتقرير للتليجراف البريطانية، أشار إلي تأثر النهضة بما حدث في مصر، مع فقدها جزءا من شعبيتها بعد فشلها في السيطرة علي متطرفين، منهم من قتل ناشطين يساريين ومنهم من سافر للإنضمام لجماعات جهادية في سوريا، وخلص إلي إعتراف النهضة بإرتكاب أخطاب، لكنها في نفس الوقت أنقذت عملية التحول الديمقراطي التونسي من الإنهيار. (24)

التحليلات الأعمق لنتائج الإنتخابات جاءت من مؤسسة الأهرام الحكومية ، في تحليل في مركز الدراسات التابع لها لصافيناز محمد أحمد إعتبرتها في تلميح للحالة المصرية "خطوة نحو الديمقراطية" ، وإمتدحت تنازل حركة النهضة عن السلطة بعد أزمة مقتل المعارض اليساري محمد البراهمي، بإعتبار أنها بذلك حافظت علي وجودها السياسي وجنبت الدولة التونسية حالة الفوضي، التي عانت منها غيرها،

وختمت مشيرة إلي  حالة "قبول الآخر" والإبتعاد عن الإقصاء في تونس، هو ما ساهم في إجتياز عثرات التحول الديمقراطي بنجاح، وسيؤدي لو إستمر إلي ترسيخ الديمقراطية. (25)

وكذلك تحليل متعمق "لمحمد وطني" في صحيفة "الأهرام العربي" ، ركز فيه علي الترحيب الدولي بالديمقراطية التونسية، وأشار إلي أن نتائج الإنتخابات تثبت لأنه لايوجد فوز حاسم لطرف علي آخر ، بل مجرد أكثرية بسيطة" لنداء تونس" العلماني  علي حساب حركة النهضة الإسلامي ، وفي نفس الوقت يملك كلاهما "الثلث المعطل" ، بما له من دلالة ووجوب للأخذ بالإعتبار

ودحض مسألة هزيمة وفشل النهضة التي أكد أنها أكثر تماسكا وتمازجا، بينما منافسها "نداء تونس" أكثر تشظيا ، لتشكله من عدد كبير من معارضي نظام بن علي  ومن بعض رموز نظامه في آن واحد ، مما يجعل بقاءه موحدا أمرا شديد الصعوبة

وختم وطني مؤكدا علي أن الرهان الأكبر يعتمد علي "النضج السياسي" لكافة الأطراف، ولأنه لا فائز حقيقي، يجب الإهتمام بجلب حلفاء ، ما يعني تقديم تنازلات ، رغم عدم إستبعاد تحالف "نداء تونس" والنهضة" ، ما يتير التكهنات حول مستقبل تحالف كهذا ، في ظل التباينات الكبيرة بينهما. (26)

وفي عبارة تعبر عن حال الكثير من المصريين يقول "فهمي هويدي" الكاتب القريب من التيار الإسلامي "محقون التوانسة إذ ما استشعروا الزهو بعدما فازوا بالحسنيين، الثورة والديمقراطية، وللأسباب التى تعرفونها فنحن معذورون إذا بادلناهم شعورا بالغيرة والحسد. (27)

الخاتمة
وفي النهاية يبقي السؤال الأهم ، هل يمكن أن يكون نجاح الثورة التونسية وإنبهار العالم بها، نموذجا تحتذي به مصر ، طبقا لشعار "الإجابة تونس" ؟

د. "أحمد عبد ربه بدي متشائما، ويري أنه لا أحد يعترف بالخطأ في مصر، لذا فقد فات الأوان بالنسبة لها ، بعد أن إختار الجميع الخيارات الصفرية ، الإسلاميون والعلمانيون والنظام ، ولعدم وجود تنظيمات غير إسلامية، ستظل سيطرة أجهزة الدولة علي المشهد.

ولأن أجهزة الدولة مهلهلة وبلا كفاءة، فإن إحتمالات الكوارث في الصراع علي السلطة ستكون عالية، وللأسف سيكون أمام مصر عقدان على الأـقل حتي يمكن أن تعود إلي 11 فبراير2011 ، اليوم الذي تنحي فيه مبارك عن الحكم وظن اغلب المصريين انهم علي اعتاب عصر جديد.

 د. "جمال حشمت" القيادي في حزب الحريه والعداله ، أكد بالمقابل تقصير الجماعة ، ووقوعها في أخطاء مؤكدة ، لكنه عاد للتأكيد أنه كان رد فعل علي خطايا القوي المدنية التي حالت دون التوافق، مع وجود تربص وتعمد لإفشال التجربة والإعداد للإنقلاب علي حكمهم ، وحاولوا فعل كل ما يمكنهم، لكن الأطراف الأخري رفضت الحوار والمناصب التي عرضت عليهم بعد إنتخابات الرئاسة.

بالمقابل بدي عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين متفائلا، بتأكيده لنا أن إنكار التغيير الثوري في العالم العربي يعد تجهيلا وليس مجرد جهلا، وأن سوء الحكم هو أكبر مشاكل مصر، مصمما أن الشعوب العربية إستفاقت وأخذت بزمام الأمور، وأن مصر دخلت عصرا جديدا، عنوانه الحكم الرشيد تنفيذا لأهداف ثورة يناير.

وبين هذا الراي وذاك يبقي المصريون في حاله اعجاب وحسد من تونس، مترقبين ما سوف تسفر عنه الانتخابات الرئاسية هناك.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

1- http://www.masress.com/dostor/35287

2- https://www.youtube.com/watch?v=Ts_XdFlL9FQ

3-http://www.alhayat.com/Articles/4754794/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%82%D9%8A-%D9%84%D9%80--%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9---%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D9%86%D8%A7-%D9%85%D8%B9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%8A%D8%AA%D9%85%D8%AD%D9%88%D8%B1-%D8%AD%D9%88%D9%84--%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85--%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7

4- http://www.attounissia.com.tn/details_article.php?t=37&a=132652

5- http://www.mfa.gov.eg/Arabic/Ministry/News/Pages/NewsDetails.aspx?Source=1d5b0202-c337-4794-ab10-342893d069e1&newsID=8256b686-3075-4af4-b2f8-6ce71ee94bc3

6- http://gate.ahram.org.eg/NewsContent/13/70/553244/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8…

 7- http://tahrirnews.com/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%88-%D8%A3%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D9%8A%D9%81%D9%88%D8%B2-%D8%A7/

http://www.el-balad.com/1218236

8- http://www.el-balad.com/1218236

9- http://almsaeya.com/index.php/features/2014-08-01-15-50-10/item/10870-2014-10-29-

10- http://www.alwafd.org/%D9%85%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9/760560-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%AA%D9%8F%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%AC%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86

 

11- http://www.cairoportal.com/story/114523/%D8%A3%D8%AD%D8%B2%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%8F%D9%86%D8%B5%D8%A8-%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%B1%D9%85%D8%B2%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D8%B3%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%8A%D9%86

12- http://www.youm7.com/story/2014/10/31/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA_%D9%81%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%A1_%D8%AA%D8%B9%D8%B5%D9%81_%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86_%D9%88%D8%AA%D8%B6%D8%B9%D9%87%D8%A7_%D9%81%D9%89_%D8%AE%D8%A8%D8%B1_%D9%83%D8%A7%D9%86_%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88_%D9%85/1930427#.VFlrPvnF_K8

13- http://fj-p.com/headline_Details.aspx?News_ID=54570

14- https://twitter.com/MisrAlQawia/status/526796695053828096

15- https://www.youtube.com/watch?v=POx7zsAMjuY

16- http://www.youtube.com/watch?v=1kHAkXoO1nw

 

17- http://dotmsr.com/ar/1001/2/105077/

18- http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=442211

19- http://www.alwafd.org/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%80%D9%8A/761284-%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B5%D8%A7%D8%B9%D9%82%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86

20- http://yanair.net/archives/89139

21- http://almashhad.net/News/889334.aspx

22- http://www.ikhwanonline.com/Article.aspx?ArtID=208369&SecID=109

23- http://www.masralarabia.com/%D8%AA%D9%88%D9%83-%D8%B4%D9%88/394929-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D9%86%D8%AC%D8%AD%D9%86%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3#.VE-rs0k-ma8.twitter

24- http://www.masralarabia.com/%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9/394607-%D8%AA%D9%84%D9%8A%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D9%82-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9

25- http://acpss.ahram.org.eg/Review.aspx?Serial=188

26- http://arabi.ahram.org.eg/NewsQ/56481.aspx

 

 

27- http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=28102014&id=b7b4ca6f-e113-4915-a2dd-c94d318135ea